تتبدلُ الفصول وتتبعُها الوصفات! ويتلاعبُ الطهاةُ النباتيونَ الفرنسيونَ بالخضار لتصميمِ تراكيبَ لذيذة لأطباق الطعام. فاذهَب بحثاً عن مزيج التراث المطبخيّ الفرنسيّ وحداثةِ الأطباق النباتية في ما اخترناهُ لكَ من مطاعم، بدءاً مِن مطاعمِ باريسَ الصغيرة (البيستروهات) إلى المَضافات الريفية الفاتنة، مروراً بمطاعمِ الأنجُم. فهلُمَ إلى الطعام!
موائدُ الطعام
بدأ التركيزُ على الخضارِ مِن بضعِ سنين! الدليلُ على ذلك في مطعم لاربيج (L’Arpège)، بباريس، لدى ألان باسار. فمنذُ 2001، ومصمِمُ أكلاتِ الخضارِ الكبيرُ هذا يحوِّلُ المنتجاتِ المقطوفةَ من بساتينهِ الفرنسيةِ الثلاثة إلى أطباقٍ راقية. وأطباقُهُ الغنيةُ بالألوان هذه يسيلُ لها اللُعاب.
يجدُ النباتيونَ في باريسَ دوْماً ما يسرُهم لدى مطعم داتيل (Datil). وتتولى الطاهية مانون فلوري هنا تجميلَ النباتاتِ والخضار.
وفي ليون، ستعيشُ لحظاتٍ ممتعة في مطعم كولينا هورتوس (Culina Hortus)، المعترَفِ بهِ في دليل We’re Smart Green Guide 2023 بأنه أفضلُ مطعمٍ نباتيٍ في العالم. تصطفُ في قائمتِهِ أطباقٌ نباتية 100% مثل قرص الجوز الأرمَد المحمَص، وطرطير (مخردلة) عشب البحر، وفطر القوْقَع الأصفر، ومخفوق الجوز الأرمد، والكاكي (البرسيمون) المشوي المسبوق بعصير فطر القوْقع الأصفر الكثيف، وآيس كريم العراوة (ملكة المروج)، وبسكويتة الألب، وحساء ملكة المروج، والبريوش الدافئ، واللوزة المحمَّرة.
ولنا في ديجونَ موعد في مطعم بيتراف (Betterave). هناك حيث يقدَمُ المطبخ المحليّ في جوٍ فطريٍّ طبيعيّ.
أمّا محبو الطبيعة الباحثون عن مطعمٍ نباتي استثنائيّ في فرنسا فيقعونَ تحت سحر مطعم أبونيم (Äponem). افتَتحت الطاهية أميلي دارفاس والساقية غابي بينيسيو هذا المكانَ الراقي في بيتِ كاهنٍ قديم من القرن السابع عشر بأوكسيتانيا. وبين القطاف البريّ والبستنة العضوية، تجدُ منتجاتُ الأرض طريقَها إلى قوائمِ طعامٍ عابقةٍ مثيرة مثل قائمة "طعام البستان Garden Gastronomy".
مطبخ بيسترو بحُلةٍ جديدة
مَن قال أنْ لا تَوافُقَ بين طعامِ المطاعِمِ الصغيرة وبين الخضار؟ لا أبداً فهذهِ الموائدُ الفرنسيةُ الجميلة تعودُ بشِعاراتِ نبالتِها إلى النباتات. ففي لِيل، يقدِمُ مطعم الكنار الأزرق (Bleu canard) ألواناً من أطعمةِ الأسواق قصيرةِ الدورة. وإنْ لم يكُنِ المطعم نباتياً 100%، فإنه يقدمُ مع ذلك خياراتٍ نباتية، بل نباتيةً صِرفة، مغريةً جداً مثلَ هذا القمح بقشدة اليقطين، واليقطين البني المحمَص، والسلق المسلوق، وفطر إينوكي المحمَّر قليلاً، ومستحلَبات البصل المحروق، والفتة.
وفي نانت، ستُسَرُ لاكتشاف مطعم لاغاف (L’Agave). يَضَعُ هذا المطعمُ الصغير الفرانكو-مكسيكيّ الفاتن قائمةَ أطعمةٍ نباتية تُحضَّرُ في اليومِ نفسِه وفقَ ما يصِلُ إليه مِنَ البساتينِ المحليةِ مِن خضار. وعلى الزبون إعلامُ المطعمِ سلفاً بالخَيار النباتي المرغوب.
وأثناء عبورِك شاطئَ الباسك، توقَفْ عند مطعم الفصول الأربعة (Ahpe) في بياريتز. يتكيفُ مطعمُ الحيِ الصغيرُ هذا مع الفصول الأربعة (كما يشيرُ إلى ذلك اسمُهُ المؤلَف من الأحرف الأولى لأسماء هذه الفصول بالفرنسية) ومع أوقات القطاف، ويصممُ أطباقاً ملونة جميلة جداً الخضارُ فيها أساسية. تهفو النفس إلى الخضار العضوية المشوية والمخمَّرة لهذا المطعم، وإلى ألوانِ حلوائهِ المبتكرة مثل حلوى اليقطين، وقشدة ليمون اليوزو، والأجاص المثلَّج.
مَقاصِفُ الذواقة
هل تحبُ الوجباتِ المليئةَ بالخضارِ النضرة والأطباقِ الصحيةِ اللذيذة؟ تزدهرُ المقاصفُ النباتية الجيدة في فرنسا هذه الأيام وتنتشر. ففي رانس، هناك مقصف فرط نباتي اسمُهُ بوتيت ناتور (Petite nature) يقدمُ طعاماً لذيذاً بنكهات آسيوية. ويَطيبُ لروادِهِ تذوُقُ شعيرية الأرُزِ لديه، ومخلل الكرنب السِلقي، والفطر النيء، والكزبرة الطازجة المنثورة على صفيحة أرُز أسمر. تقدَم مع سَلطة الفاصولياء البيضاء والكوسا النيئة وصلصة الفول السوداني بالنعنع الأخضر الطازج.
وإنْ كنتَ تتنزهُ بالقرب من لو بوِي-أن-فِليه، فجرّبْ طعامَ مقصف شوليه-فلوري (Caulet-Flori) مغمضَ العينين. يقدمُ هذا المقصفُ كذلك بارَ عصائرَ ووجباتِ فطورٍ وغداء صحيةً جداً.
وفي الهافر، إنْ كنتَ تبحثُ عن مطعمٍ نباتي، فامضِ إلى مطعم بابيز فاميلي (Popi’s family). وهو مطعمٌ وسط بين المقصفِ والمقهى، ستذوقُ فيه أطعمةً نباتيةً خالصة، محليةً وملونة.
وفي الأخير، أثناء زيارتِك لمرسيليا، سِر إلى مطعم رازية (Razzia)، خصوصاً لتناوُلِ ما يقدمُهُ من سندويشٍ نباتيّ من القنبيط الأخضر المحمَص والملفوف الأحمر. فضلاً عن كيك اللوز والشوكولا الذي لديه.
المَضافات وبيوت المزارع
مأ احلى النزولَ في مَضافةٍ نباتية بفرنسا. إنْ عرفنا العناوين. ففي مقاطعة لواريه، مثلاً، نجدُ مضافة أو بون فيفر (Aux bons vivres)، في إيفر-لا-فيلّ، وهي مضافةٌ ممتعة. فالمنتجاتُ التي فيها محلية وفصلية، وكلُها معروفةُ المنشأ. ومع أن مأكولاتِ المَضافة ليست نباتيةً فقط، فإنَ الخضار تشكِّلُ الجزءَ الأكبرَ منها.
وفي الألزاس، اذهب إلى بيت مزرعة تابل فير(Table verte) ببلدية ميتلهاوسبرغن. في بيتِ المزرعة القديمِ هذا، المنتجاتُ عضوية ومحلية، والأطباقُ ملونةٌ جداً. والمطبخُ محليٌ وبيتيّ 100%، كما نحب.
وإنْ حظيتَ بإقامةٍ في كورسيكا، فاذهبْ طائعاً إلى بيت المزرعة بوتاجيه دو نيبيو (Potager du Nebbio)، في سان فلوران. هنا، يقدِّمُ المطبخُ المنتجاتِ المجلوبةَ إليه من المزرعة المجاورة: وهي خضار وفواكه بل وأزهار ستجدها كلَها في صحونك. وستتناولُ الفطورَ كذلك تحت أشجار الزيتون.
نصيحة وتوصية:
فكّرْ في نجمات ميشلان الخضراء، التي تكافئُ المطاعمَ على نهجها الصديق للبيئة.
بقلم ماري ريموند
صحفي
صحفية في مجال السياحة والثقافة، ماري لديها خطيئة لطيفة حقيقية: الكتابة في كل مكان ولكن ليس بشكل خاص في المكتب. إنه نمط مستوحى من روح العصر والحركة.